السبت، 7 فبراير 2015

يــــــــــــــــا مار مارون! – 2 –



يــــــــــــــــا مار مارون! – 2 –

أعود إليك ثانية في ذكراك لهذه السنة.

لن أحدثّك عن الحال التي كنّا لرضينا بها لو بقيت على حالها منذ سنة. ولكن كرة النار التي بين أيدينا استفحلت حتى بات الإنفجار القريب على قاب قوسين من جبلك المقدّس. تركنا المحبّة والسلام واليد الواحدة تماماً كما تركنا العقل والفهم والمشورة. تركنا الكنيسة ومن وما فيها، وتركناك وحيداً مع عصاك. هل أدعوك الآن كما الأمس لتضرب الأرض التي تقف عليها بعصاك فتحدث زلزالاً يعيدنا إلى الرشد؟ لا ... لن أفعل. ولماذا أفعل وقد فقدنا عقلنا ولن نعود الى الرشد. لبناننا ضاع، والأمر انتهى. ولكنّي سأستجيب لطلبك هذه السنة وسأبدأ بالصلاة عن نفس لبنان ونفوسنا جميعاً، أمامك، مؤبّناً راثياً باكياً ...

يــــــــــــــــا مار مارون!

كان لبنان الذي ربينا على معرفته، فترة ما قبل الحرب، ثابت ببنيه، بقادته، وبرجال كنيسته. ما كان يوماً مشكلة دوليّة قائمة بحدّ ذاتها. ما تحامل يوماً على الآخرين من الأشقّاء، بل كان يصبر على التحامل عليه. قدّم للقضيّة الفلسطينيّة أقصى ما يستطيع من دون مقابل، بعكس الآخرين الذين حوّلوها الى ورقة بأيديهم. ومع هذا استخفّ الفلسطينيّون به، بأخلاقه، بصبره، بتعايشه وبرسالته وحاولوا السيطرة عليه ليحوّلوه بدورهم الى ورقة بأيديهم. استراتيجيّة الأشقاء ورقة يجب إيجادها ... أمّا استراتيجيّته فما كانت سوى غصن زيتون ...
وكان قد تحوّل تماماً بعد الحرب الى ورقة بيد "سوريا". ولن ننسى كم كان الكثيرون منّا يقبّلون تلك اليد لتعفّ عن صفعهم. فنسوا مبرّر وجوده الأساسي، الحرّية.

اليوم قد ضاع عقلنا في بلاد السلاطين. نصفه في كتاب الأغاني في أصفهان ونصفه الآخر في معلّقات الصحراء. اليوم لبنان، الذي أردناه جنّة على الأرض، مسجّى على فراش الموت، لا يعطى من وقت لآخر إلاّ مهدّئات ومسكّنات كاذبة من صنع الخارج. متروك هو لقدره، لقمةً سائغةً لأفواه جياع. أمّا نحن فغافلون عن كلّ هذا، لأنّنا تركنا إلهك، الهنا، المحبّ الصامت الحنّان، والتحقنا بربّ آخرٍ جامدٍ ميّتٍ رنّان.  
لم نعد أبناءك يا رجل الله. لم تعد الأرزة تعني لنا شيئاً، حتى ولا الحرّية، ولم نعد نؤمن بنظريّة طائر الفينيق... نسينا الشهادة للحقّ وأن وطننا مقدّس ... ما عاد لبناننا يستحقّ منّا التضحية بالروح ...   لم نعد نؤمن أصلاً.

 د. طارق الشدياق
9 شباط 2015

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق