مع بشروئي
مع بشروئي وإليزابث دايفس حفيدة "ماري هاسكل"
بيروت في 16\5\2012
أيّها
الحبيب،
البروفسور
سهيل بشروئي، صديق جبران.
عظيم كان ذلك اللقاء، هناك في ولاية
ماريلاند الأميركيّة، وفي جامعتها حيث كرسي جبران، كرسي السلام والمحبّة بين
البشر. الكرسي الذي "خلقته" وفاءً لصديق روحك النبيلة، وتخليداً لذكرى
من آمن بوحدة العالم الإنساني المتّجه بمسيرة واحدة إلى حيث النور. وعظيم كان
لقاؤنا مع من كنّا نرغب أن نتعرّف إليهم من دول كثيرة، شرقيّة وغربيّة، وأن نسمعهم
يتكلّمون بلغة جبران، لغة المحبّة على الإطلاق. والعظيم العظيم أنّنا التقينا بك،
ونسغت عيوننا من محيّاك الذي ينضح منه النور. وإنّي لأكرّر على مسامعك ما قلته لك
في آخر يوم لنا معك، يوم الوداع وكنّا نتعاهد اللقاء ثانية: " رصيدنا أنّنا
تعرّفنا إليك".
لقد كان جبران حاضراً معنا. أتى من
الصين وأوستراليا، من تونس وأيطاليا، من فرنسا وبريطانيا ومن إيراندا، وأتى من
كندا وأميركا اللاتينيّة، ومن مسقط رأسه وأماكن أخرى، إلى الولايات المتّحدة
الأميركيّة. لقد كان حاضراً بالفعل، وإنّي لأكاد أجزم أنّه كان يتدخّل بلسانك
عندما كان يشعر بضرورة أن يتدخّل، شارحاً بعض الأمور، مؤكّداً بعض الأحداث،
مصوّباً بعض الآراء. إسمح لي أن أستعمل كلمة "عظيم" مرّة بعد، لأوكّد أن
لقاءاتنا مع الوفود، على هامش المؤتمر، كانت عظيمة هي الأخرى. لقد كنّا في مجتمع
جبرانيّ، محبّ، مسالم، متواضع، راقِ، إنسانيّ غيور. مجتمع ولا أبهى ....
هل أخبرتك عن لقائي لأوّل مرّة بالسيّدة
"دايفس"؟ كنت في وقت استراحة بين جلستين، أقف مع السيّدة تانيا سامونس،
نتكلّم بأمور "متحفيّة" عندما لفتت انتباهي امرأة دائمة الإبتسامة تنظر
إلينا من بعيد وتتّجه صوبنا من بين الناس. فرحت أنظر إليها، ومن بعيد أيضاً،
مؤكّداً لنفسي أنّي لا بدّ أعرفها محاولاً أن أتذكّر متى وأين. وإذ أدركت السيّدة
سامونس ما أنا عليه من حيرة وجمود، سألتني مبتسمة: هل تعرفها؟ فأجبت أنّي لا بدّ
التقيتها يوماً ولكنّ الذاكرة تخونني. ورحنا معاً ننظر إلى القادمة حتى إذا ما
وصلت وقفت أمامي مبتسمة صامتة. وسألتني "سامونس": هل عرفتها؟ عدت بالفكر
إلى سنة خلت، إلى أوستراليا حيث أقمنا معرضاً كبيراً لرسومات جبران هناك معتقداً
أنّي تعرفّت إليها في ذلك الركن من العالم. وإذ لم أجب على السؤآل أردفت
"تانيا": أنظر إلى وجهها. هل ترى شيئاً مميّزاً فيه؟ ... أردت أنّ
أجيبها على الطريقة الأميركيّة حيث لا تهرّب ولا ممالقة ولا محاباة سخيفة. فقلت
الذقن ربّما. لم تكتفِ بجوابي فتابعت وماذا أيضاً؟ أنظر إلى العينين... كان فيهما
شيء من الجحوظ. وللحال هبطت صورة "ماري هاسكل" كما رسمها جبران أمامي. فتمتمت
بوشوشة الخجِل ... ماري هاسكل... بعد أن ضحكتا طويلاً أعلمتاني من تكون السيّدة
دايفس، نسيبة حبيبة جبران. لن تصدّق إذا ما قلت لك أنّي وددت للحال أن أغمرها
بعاطفة صادقة، وأن أقبّل يدها وجبينها، شعرت أنّي يجب أن أكرّر شكر جبران لماري
أمامها. وكنت لأفعل لو لم تردّني تقاليد شرقيّتي التي ما زلت أحتفظ بأبهى ما فيها:
الحياء و ... احمرار الوجه.... أخالك تبتسم... وإنّي لأبتسم معك الآن.
أيّها الحبيب ...
المؤتمر العالميّ الثاني عن جبران سيحتفظ
بمكانه ومكانته ليس فقط في قلوبنا بل في عقول كلّ المهتمّين بالرسالة الجبرانيّة.
إن جدّية الدراسات التي قدّمت تصلح تماماً لكي تكون مراجع تضاف إلى مراجع تراكميّة
تعرفها، وتؤكّد حضور جبران العالمي، حضوره أين مكان في العالم. إنّي أودّ أن اشكرك
باسمي الشخصي وإسم الأستاذ ناجي كيروز رفيق طريقي إليكم، وباسم أعضاء لجنة جبران
الوطنيّة جميعاً، وبإسم بشريّ ولبنان لما فعلته طيلة سنوات عمرك البهيّ من أجل
جبران نفسه ومن أجل لبنان. لن أنسى كلماتك الرائعة، الصادقة، القلبيّة وأنت تتحدّث
عن هذا الوطن الصغير وتربطه بالإرادة الإلهيّة. من خلالك، بات إيماني بهذا اللبنان
أقوى فيا ليت الكلّ يسمعك.
سلامي إلى ابنتك الكريمة وزوجها الطيّب،
وإلى زوجتك الرائعة، إلى طلّتها ولا طلّة الأميرات، وابتسامتها الملوكيّة. إبحث عن
أصولها يا رجل فلا بدّ أنّها أميرة أيطاليّة. وسلامي إليكم جميعاً في جامعة
ميريلاند، وإلى الدكتور بابك وشيرين ومايك وإلى السيّدة دجاينس ...
ختاماً، رسالتي هذه ما كانت إلاّ لتكون
رسالة شكر، ولكن فيض قلبي كان مداداً لقلمي فاعذر جرأتي ... وإلى اللقاء.
لجنة جبران الوطنيّة
الرئيس
د. طارق الشدياق
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق