كثيراً
ما تضعنا الصدفة – أو ما نسمّيه بالصدفة – في مواقف حرجة، نتمنّى فيها لو أنّنا ما
خلقنا ولا رأت عيوننا بشاعة هذه الدنيا وترّهاتها. وقليلاً ما نعي أنّنا نصنع
الصدفة بأنفسنا. فالخطأ إذا ما كشف، والسرّ إذا ما أعلن، فبالصدفة. وننسى أنّ ما
من خطأ إلاّ وسيكشف، والمكتوم إنّما هو معلوم مؤجّل، وأنّ الأسرار، مهما غرقت في
الخفاء، لا غطاء لها إلاّ أوراق تين.
الأقلّ،
أنّ بعضاً من هذه الصدف تغيّر مجرى حياتنا الى جهة نجهلها، الى حياة أخرى، نحن
أبعد، أكاد أقول، حتى عن التفكير بها. في تلك المواقف الصعبة، القاسية، سيدرك
واحدنا ماهيّة ما يتردّد على الألسنة عن العرق البارد المتصبّب من الأبدان، وكيف
تكون قشعريرة الأجساد ورجفتها، الناتجة عن الخوف والغضب والفجأة، وعن الرغبة
بالإنتقام. ونحار لو نستطيع الهرب. لكن الى أين؟ أو لو نستطيع النسيان، والصورة
تقبع في أعماق رؤوسنا، جامدة، لا تهتزّ، تذكّرنا دوماً بأنّنا من النكرات، وأنّنا
لا شيء أمام رغبات الآخرين وأحلامهم وطموحاتهم اللاتنتهي، وأمام الكذب والنفاق
والإنتهازيّة من أجل المصالح الذاتيّة، الأنانيّة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق